يمن الثورة .. انقسام ام التحام

لم تختلط الأوراق في أي من الثورتين المصرية والتونسية ولا حتى في الثورة الليبية كما اختلطت في الثورة اليمنية هذا الخلط الرهيب الذي جعل المشهد اكثر ضبابية من غيرة الى حد يصل الى انعدام الرؤية في بعض اجزاءه في ظل انقسام الأهداف والمصالح والرؤى بين الفرقاء والرفقاء وبين الفريق الواحد وهذا ما نشهده من خلال انقسام الخطاب السياسي والجيش والشعب والأدهى من ذلك الإنقسام في الخطاب الديني الذي يعتبر المرجعية الأولى والرئيسة في مجتمع متدين ومحافظ في غالبيته العظمى وهذا مالم نشهده في أي من الثورتين المصرية والتونسية مما أوجد قدرا كبيرا من التخبط بين المعقول واللا معقول وما يجب وما لا يجب وأوجد منفدا ولو بسيطا لكل طرف للتشكيك في نوايا الطرف الآخر واهدافه والأهم هو التشكيك في نتائجه خاصة لأولئك الذين وجدوا انفسهم بحكم الضرورة مضطرين للوقوف في احد الجانبين .
وعلى الرغم من كل هذا الهرج والمرج وهذا الصخب الذي اوجدته الثورة اليمنية التي ما زالت مشتعله رغم مرور ما يزيد عن الثلاثة اشهر على بدء شرارتها الأولى رغم كل هذا فإن مناخا صحيا بدء يتشكل وتحضرا لم نكن نعلم حتى نحن اليمنيين اننا نمتلكه .
شئ وكأنه موجود في فطرتنا التي فطرنا عليها لا نستحضره الا عند الشدائد في حراك غاية في الرقي.
هذا اليمن الذي طالما طأطأنا رؤوسنا ونحن نسمع عن مدى تخلفه ومعاداته للمرأة وهضم حقوقها في الريف والحضر والإنسان اليمني الذي لا يفقه من لغات الدنيا الا لغة القات والسلاح التي تنطق بها ساحات بيع القات المنتشرة في كل مكان وتترجمها ستين مليون قطعة سلاح . الآن وجب على العربي والغربي المتحضر ان يخلع قبعته اجلالا واحتراما .
للنساء اللاتي شاركن جنبا الى جنب في ساحات التغيير على امتداد الوطن وللشاب اليمني الذي ورغم كل محاولات التجهيل على مدى عقود اراه يفقه في السياسية ما يقارع به جهابذة السياسة من الزعماء ووزراء الخارجية الخليجيين ويقول لهم
(( لن تخدعونا لتحصلوا على مصالحكم ... هذه ثورتنا ونحن من سيقودها وهذه مطالبنا ونحن من سينتزعها ))
فنراهم يعيدون الكرة تلو الأخرى والمحاولة تلو المحاولة وصلابة الثائر اليمني تجعلهم لا يعودون الا خاويي الوفاض وبقلوب ترتجف خوفا من مستقبل مجهول لهم فهذا اليمني ربما يطالب بأرضه التي نهبت او ثروته التي سلبت او مكانته بين دول المنطقة التي حرم منها واعطيت للغير و ينظرون بعين الى اليمن ومصالحهم الإستراتيجية فيها واليمني الذي ظل مستضعفا مستكينا لعقود عديده وبالعين الأخرى ينظرون الى نظام يترنح وينتظر الضربة القاضية الفنية ليعلن خسارته المدويه .
في ظل كل الانقسام او ما نراه في السطح انقساما نرى ان هناك لحمة من نوع ما بين كل ابناء الشعب سواء المؤيدين او المعارضين فالجميع يجمع على ضرورة تنحي الرئيس . والفرق هو في من لديه القدرة على تحمل الفقر والذل والمهانة وفي من لم يعد يستطيع ذلك .
الكل يجمع على دور الشباب حتى الأحزاب التي ما تأسست أصلا الا طلبا للسلطة وابتغاء الوصول لها .
الكل يجمع على سلمية الثورة ولا يستطيع الا ان يبحث عن كبش فداء ليبرر منطق القتل دفاعا عن مصالحه .
ان يمنا جديدا ولد .. يمن رائع بناه الثوار في الميادين والساحات ولم يبق عليه ليتشكل الا لحظات التتويج التي ستبدأ مراسمها مع سقوط نظام الرئيس على صالح وسيسقط . ولكن السؤال المهم ... هل نستطيع ان نبقى نحن في الرخاء كما نحن في الشدة .
ان مرحلة الصراع الثوري مرحلة صعبة وداميه ولكن الأصعب منها هي مرحلة ما بعد الثورة ...
لم اعد احتمل ان ارى دكتاتورا آخر يحل محل دكتاتور سقط
ولم اعد احتمل ان انعت بالمتخلف وانا اليمني قد برهنت للدنيا كلها اني اكثر حضارة ورقيا
ولم اعد احتمل ان يمن علينا اخوتنا الخليجيين باموالهم ونفطهم ليعيدونا قرونا الى الوراء . وهم من يسلبنا حتى حقنا في ان نعيش بكرامه
لم اعد .. ولم اعد .. ولم اعد ...
كم هي كثيرة اوجاعنا التي اختزلتاها لثلث قرن ... ولكن يوما واحدا كفيل بمداواتها لتعود البسمة من جديد ويعود اليمن يمنا جديد
حفظ اليمن و نصر الله الثوار

» الى اين تتجه هذه الثورة ومابعد الثورة؟؟؟
» طالبوا بتحرك دولي عاجل التكتلات الثورية في ساحات الحرية والتغيير تستنكر محاولات صالح جر البلاد إلى حرب أهلية، وشباب الثورة يدعون جميع اليمنيين لإحياء جمعة (سلمية الثورة)
» ما توقعاتك بعد الثورة؟
» تعز: معقل الثورة والتغيير
» صور من مظاهرات ثورة التغيير في تعز