اليمن بعد صالح.. دولة فيدرالية يسودها القانون

لا تختلف تطلعات شباب الثورة في اليمن في شكل الدولة التي يحلمون ببنائها بعد رحيل نظام حكم الرئيس علي عبد الله صالح إذا ما نجحت الوساطة الخليجية في تجنيب البلاد الانزلاق نحو العنف.

وحددت اللجنة التنظيمية العليا للثورة الشبابية الشعبية، وهي اكبر مكون شبابي في البلاد وتتبع عمليا تكتل اللقاء المشترك المعارض، أهداف هذه الثورة بـ: تنحي النظام الفردي الأسري الاستبدادي، وبناء الدولة المدنية الفيدرالية الديمقراطية التي تكفل الحقوق والحريات العامة وتقوم على مبدأ التداول السلمي للسلطة، والفصل بين السلطات واللامركزية الفاعلة، وتحقيق نهضة تعليمية شاملة تلبي تطلعات الشعب اليمني وتستعيد مكانته الحضارية وبناء اقتصاد وطني قوي يكفل حياة كريمة للمواطنين وإعادة بناء المؤسسة العسكرية والأمنية على أسس وطنية حديثة وبما يضمن حياديتها، واستقلالية السلطة القضائية بما يضمن تطبيق العدل والمساواة .

وقال شباب الثورة في اول بيان لهم يحدد ملامح المستقبل انهم سيعملون على محاكمة كل من قتل أو حرض أو تسبب في قتل أو إصابة المشاركين في الثورة الشبابية الشعبية وتعويض أسر الشهداء والجرحى وتكريمهم تكريما لائقاً، وتجميد أرصدة الرئيس وكافة أقاربه ورموز النظام السابق واستعادة ما تم نهبه من الأموال والممتلكات الخاصة والعامة .

من جهته، حدد مجلس التغيير في محافظة حضرموت مطالبه بإسقاط النظام والرحيل الفوري ومحاسبة رموزه وأركانه، وايجاد حل عادل للقضية الجنوبية، واحترام خصوصية حضرموت التاريخية والحضارية وعدم جعلها هدفاً لأي صراعات. وطالب ببذل مزيد منها للحفاظ على وحدة الصف ونبذ الخلافات تحقيقاً للأهداف المنشودة .

القيادي المعارض حميد الاحمر قال ان مشروع اللقاء المشترك بعد رحيل النظام الحالي هو تأسيس الدولة التي تقوم على النظام، القانون، المساواة، والحريات. وعن مطالبات الشباب بمحاكمة الرئيس واقاربه قال الاحمر نحن وعدنا بعدم مقاضاة الرئيس صالح وسنلتزم بوعدنا. ونحن كمنظومة سياسية لن نقدم أية دعاوى أو قضايا أو ملاحقات ضد الرئيس، وسنعتبر أن نجاح الثورة اليمنية في احداث الانتقال السلمي للسلطة الرئاسية، وحقن الدماء، كافيا لإنهاء الأزمة الحالية، شريطة أن لا يتم حدوث أي انتهاكات مستقبلية .

صورة مغايرة

ويرى المسؤول الإعلامي في الاتحاد العام لشباب الثورة محمد الشرفي يرى أن الأولوية في المرحلة المقبلة هي محاكمة رموز النظام والمتورطين في قتل المتظاهرين وإعطاء أبناء الجنوب حق اختيار الطريقة التي يرونها عادلة لحل القضية الجنوبية أكان ذلك بإقامة دولة فيدرالية بين شطرين أو بين أقاليم عدة أو حتى خيار الانفصال ان أرادوا ذلك .

الشرفي، وهو من شباب محافظة حضرموت ويقود التجمع الشبابي في صنعاء يعتقد ان نجاح الثورة سيفتح الباب امام اليمن للاتجاه نحو العالم الذي سيقف الى جانبه من اجل اقامة دولة عصرية بعيدة عن الفساد والأسرية وهيمنة القبلية، على اعتبار ان ذلك سيوفي لليمن والعالم الضمانة بأن لا تكون البلاد ملاذا أو ملجأ للعناصر الإرهابية وان تصبح البلاد عامل استقرار ومساند لأشقائه بدلا من ان تكون مصدر الخوف لهم .

مخاوف من الإسلاميين

لكن المخاوف من هيمنة الإسلاميين على الشأن العام عقب رحيل النظام بدت واضحة في أكثر من اتجاه سواء على تيار الشباب المستقلين أو لدى النخبة الثقافية والسياسة حيث سارعت مجموعة كبيرة من الناشطين البارزين والمثقفين إلى تأسيس الكتلة المدنية بهدف مواجهة المد الديني الذي يحاول أن يطغى على الساحة السياسية مسنودا بانضمام قائد الفرقة الأولى مدرع اللواء علي محسن الأحمر الرجل الثاني في الجيش اليمني ومعه قبيلة حاشد التي يقودها الشيخ صادق الأحمر وأخيه رجل الأعمال الثري حميد .

وقالت الكتلة إنها ستسعى إلى إقامة دولة مدنية حديثة وديمقراطية قائمة على مبادئ العدالة والمواطنة المتساوية، وضمان التمثيل الوطني لكافة اليمنيين واليمنيات مع احترام تعدديتهم الدينية والمذهبية والثقافية والاجتماعية والسياسية، وصياغة دستور وطني جديد متوائم مع الاتفاقيات والتشريعات الدولية ومبادئ حقوق الإنسان ويضمن الفصل الكامل والفعلي بين السلطات ويتواءم مع مبادئ الحكم الرشيد، وكفالة الدولة الجديدة للتمثيل الكامل للمرأة اليمنية .

الكتلة التي تضم في عضويتها منظمات وتكتلات مستقلة وعلمانية قالت من اولويات المرحلة القادمة هو العمل على حل القضية الجنوبية حلا عادلا وشاملا، ومعالجة أسباب وآثار حروب صعده بشكل شامل وعادل، وان تباشر الدولة الجديدة معالجة وإنهاء كافة ملفات الصراع السياسي القديمة في اليمن .

القضية الجنوبية حضور دائم

ومع ان القضية الجنوبية حاضرة في خطابات وأحاديث قادة الثورة الشبابية ولدى المعارضة إلا أن أطرافا فاعلة داخل الحكم وخارجه من أبناء المحافظات الجنوبية انتفضوا مع بوادر رحيل النظام للتذكير بأن اتحاد اليمنيين خلف شعار إسقاط النظام لايعني بالضرورة تخليهم عن مطالبهم الاساسي بضرورة حل القضية الجنوبية حلا عادلا .

وكان لافتا ان وزراء وقيادات بارزة في نظام حكم الرئيس صالح هي التي وقفت وراء صدور بيان يؤكد على التداعيات التي طالت الشريك الجنوبي في الوحدة بدءاً بحرب صيف 1994 وما تبعها من إقصاء ومضايقة وتهميش وتجاهل لأبناء الجنوب واستباحة لثروات الجنوب وأراضيه، وتسريح قسري لعدد من كوادره المدنية والعسكرية من مختلف أجهزة ومؤسسات الدولة اليمنية .

وحدد البيان مطالب ابناء الجنوب بضرورة الآخذ في الحسبان بأن أي ترتيبات سياسية قادمة للنظام السياسي في اليمن يجب أن تتضمن دوراً رئيساً وفاعلاً للشريك الجنوبي وبما يأخذ بالاعتبار مساحة الأرض، والثروة والامتداد الساحلي الكبير، ووجوب أن يتضمن تحقيق المشاركة الواسعة في كل المؤسسات المدنية والأمنية والعسكرية، ومشاركة أبناء المحافظات الجنوبية في إدارة شؤونهم المحلية بالإضافة إلى المشاركة في مؤسسات الدولة المركزية .

» قبل رحيله عن الحكم، علي عبد الله صالح يدمر الاقتصاد في اليمن
» حقائق وإحصائات عن اليمن في عهد علي عبد الله صالح
» اليمن مرتع للقاعدة .. فما دور علي عبدالله صالح ؟
» منتدى الشرعية الدستورية | علي عبدالله صالح | اليمن
» القوى المعارضة في اليمن تؤيد الإصلاحات التي اقترحها الرئيس صالح